vendredi 25 septembre 2009

لالة زينب القاسمية المرأة الرمز

السيدة زينب:
(1267 ـ 1323هـ = 1850 ـ 1905م)
المـرأة الرمـز
في أحضان قرية الهامل وفي بداية العقد السادس من القرن التاسع عشر، ولدت السيدة زينب بنت محمد بن أبي القاسم، والتي تعرف في التاريخ المحلي باسم "للالا زينب".
نشأت في حجر والدها الشيخ محمد ابن أبي القاسم، وهي ابنته الوحيدة. تعلمت القرآن وعلومه على يديه، ثابرت على الدرس والتحصيل بذكاء نادر، ودفعها إلى ذلك طموح شديد واعتناء الوالد بها، حتى وصلت في العلم درجة طيبة، وكان منزل الوالد مقصد الطلاب والزائرين من كل مكان، لا يخلو يوما من الحركة والذهاب والجيئة، وهنا عرفت البنت معنى القداسة والطهارة والاحترام والتجلة، عرفت معنى المحبة والإيثار والإخلاص.
كانت طلعة نهمة حيث قرأت كل ما وجد في مكتبة والدها من مؤلفات ومخطوطات. وعاشت فترة طويلة في هذه المكتبة مهتمة بالمخطوطات.
بعد وفاة الشيخ المؤسس تولت السيدة زينب مشيخة الزاوية التي كانت ترأس الطريقة الرحمانية وهي أكبر طريقة آنذاك من حيث عدد الأتباع والمريدين والزوايا والطلبة والمقاديم.
سارت على نهج والدها وحافظت على طريقته، من تعليم العلم، وإرشاد الخلق وفك النزاعات، وإطعام الطعام والإحسان للفقراء والمساكين، واعترف لها القاصي والداني بحسن إدارتها لشؤون الزاوية، ونجاحها في السيطرة على الأوضاع بالرغم من كل العقبات والمصاعب التي كانت تعترض سبيلها، من طرف سلطات الاحتلال الفرنسي، ويعترف "آشيل روبير" بأن السيدة زينب أدارت الزاوية بنجاح.
كما حافظت على تماسك الطريقة الرحمانية، باعتبار أن زاويتها كانت تتولى مشيخة الطريقة، وأدارت بقية الزوايا التابعة لها بحكمة واقتدار كبيرين، وأقامت زوايا أخرى ونشرت الطريقة الرحمانية بدورها في أماكن جديدة، وكانت تتنقل من مكان إلى آخر تصلح بين الأعراش في صراعاتها وخلافاتها، تدعو إلى الخير ومحبة الغير، وترشد إلى الطريق المستقيم، وظل الناس يلتفون حولها، لما لمسوا فيها من تواضع وكرم وقوة شخصية.
واصلت الإشراف على أوقاف الزاوية بالحرمين الشريفين وأبقت وكيل الزاوية الشيخ أحمد الأمين بن عزوز على وظيفته في السهر على تسيير تلك الأوقاف، كما واصلت دفع أجور علماء الحرم المدني التي كان والدها قد رتبها لهم، سعيا إلى عمارة المسجد النبوي، وقد خاطبوها بقولهم: "نخبة الأشراف من آل هاشم بن عبد مناف وصفوة السلالة النبوية وخلاصة العترة المصطفوية وزهرة بني الزهراء البتول وباكورة أبكار، ذات المنصب الذي علا الأفلاك والقدر الحسن سيد المسلمين وريحانة الرسول الموروث ممن خاطبه الجليل بلولاك لولاك...سيدتنا ومولاتنا الحرة المصونة والجوهرة المكنونة السيدة زينب..".
ولعل من أبرز أعمالها التي خلدت ذكرها، وشهدت لها بالتسيير الحسن وبعد النظر والقدرة على التحكم في مداخيل الزاوية وتوظيفها أحسن توظيف هو مواصلة بناء مسجد والدها "المسجد القاسمي" الذي يعتبر تحفة معمارية فريدة من نوعها، وآية من آيات الفن الإسلامي، استهلك مئات الآلاف من الفرنكات، وأشرف على العمل به مهندسون من جنسيات مختلفة إيطالية تونسية مغربية وفرنسية، ساهمت كلها في إنجاز هذا المشروع الضخم الذي كان يعد حسب ظروف المكان والزمان مظهرا من مظاهر الروعة والجلال والغنى، ودليلا على عناية السيدة بالدين الإسلامي وتخليدا لذكرى والدها الراحل، وقد تركه والدها على ارتفاع حوالي متر، وقد تم البناء سنة 1320هـ= 1904م.
كانت تفتح يومها بصلاة الفجر ببيتها وبتلاوة جزء من القرآن الكريم، وكانت دائمة التكرار لسورة المؤمنون، ثم تخرج إلى مقابلة الزوار والمريدين وتتفقد أحوال الطلبة والمقيمين بالزاوية، تقضي حاجات الناس وشئونهم وتسهر على رعاية مصالحهم وقضاياهم، تساعد الفقراء والمحتاجين.
تستقبل الضيوف والزوار من كل مكان، ولعل شهرتها قد بلغت العالم الغربي، فكان يأتي إلى زيارتها والتعرف عليها الكثير من أعلام العالم الغربي، من أدباء وصحافيين وسياسيين، معجبين بشخصيتها وصلابتها في طلب الحق، وتأثيرها على مجتمعها الذي تعيش فيه، وكانوا يرون فيها أنموذجا متميزا للمرأة العربية التي خرجت عن التقاليد والأعراف البالية وتولت تسيير مؤسسة دينية بهذا المستوى من الأهمية والقوة، لها قاعدة شعبية كبيرة، وتأثير خطير على مناطق عدة من الوطن.
تعود بعدها إلى مكتبتها تنهل من أمهات الكتب وتأنس بها، إذ لا أنيس لها بعد وفاة والدها العظيم، وقد عاشت حياتها كاملة عزباء دون زواج، وقد أسرت إلى صديقتها إيزابيل ابرهاردت أنها سخرت حياتها كلها لخدمة الناس والضعفاء والمحتاجين، فلا مكان لديها للزواج أو العواطف والمشاعر الزوجية. ولا وقت.
ومما تميزت به السيدة زينب ذلك الحضور القوي والشخصية الفذة، فلنستمع إلى دي غالان في وصفه لها: "... إنها لالا زينب في ثوبها الناصع البياض وسط شعبها، وكأنها ملكة أو راهبة، وسرت رعشة في الجماهير المحتشدة لتحيتها ثم تلاها سكون مطبق".
ولعل القصائد الكثيرة والمدائح التي قيلت فيها والتي تعد بالعشرات تدل على مكانتها، وبقائها في الذاكرة الشعبية التي تخلد كل من احتل مكانة سامية في قلوب الناس وأثر في حياتهم وأعطاها بعدا إنسانيا وأخلاقيا عاليا. وهي تمثل كنزا من الكنوز التي تزخر بها الثقافة الشعبية الشفوية، وتسجل لنا أحداث مرحلة من مراحل تاريخ الجزائر المعاصرة، وموقف الطبقات الشعبية من السيدة زينب. بعد أن سجلت لنا الوثائق الفرنسية موقفها من السيدة، ووثائق السيدة موقف علماء عصرها منها.
وظلت السيدة تدير الزاوية بعزم وثبات لا مثيل لهما، وتمسك بسيرة والدها العظيم، إلى أن لقيت ربها في إحدى ليالي الشتاء الباردة، وبالضـبط في 11 رمضان 1323هـ= 09 نوفمبر 1905 بعد معاناة طويلة شديدة مع المرض الذي عجز الأطباء عن إيجاد العلاج له.
شهادات:
وصفت نفسها في رسالة إلى شيخ الإسلام القاضي بن الحفاف فقالت: "امرأة بكر مرجوة الخير، موسومة عند العامة بالصلاح، تالية لكتاب الله، ذات عفة وصيانة، تنفق مالها في سبيل الله على ذوي القربى واليتامى".
وصفها الشيخ عاشور الخنقي فقال: "وتولت بعده ابنته أعجب العجب، وبضعته العذراء البتول، السيدة زينب الولية الصالحة، الغرة الواضحة، القارئة كتاب الله عز وجل، العالمة المتفقهة في الدين التفقه الأجل، ولله در صاحب الرسالة القائل: (المرأة الصالحة خير من ألف رجل)، فسارت في المقام سيرة والدها الرجل بالرجل والقدم بالقدم".
قال عنها الكاتب الفرنسي "شارل دي غالان": "وعند خروجنا من المكان المقدس (ضريح الشيخ محمد بن أبي القاسم) وجدنا أنفسنا أمام ساحة صغيرة عند أقدام الجدران العلية في مواجهة البوابة الرئيسية، حيث وقف الطلبة من ورائنا كان الضغط شديدا بسبب تجمع الأتباع والإخوان، لكنهم كعادتهم بنظام وسكينة، فجأة فتح باب ذو دفتين، وعند عتبته وقفت امرأة مكسوة كاللؤلؤة، إنها ((لالا زينب)) في ثوبها الناصع البياض وسط شعبها، وكأنها ملكة أو راهبة، وسرت رعشة في الجماهير المحتشدة لتحيتها ثم تلاها سكون مطبق. اقتربت منها وقبلت يدها، وقالت لنا: مرحبا بكم، وهو تشريف لنا وتقدير قلما حصل عليه الآخرون". ثم يقول عنها: "...وشعرت كأن روح الشيخ تنبعث من جديد في شخصيتها، وأن سلطته تحولت إليها وأن النور الأبيض الذي يظهر من يوم لآخر حقيقة ويمثل الإيمان الحي".
وتقول إيزابيل ابرهاردت: ".....ربما هذه المرأة التي تلعب دورا إسلاميا عظيما هي الفريدة في المغرب الإسلامي".

dimanche 30 août 2009

الملتقى الوطني الثالث للطريقة الرحمانية بزاوية سيدي سالم بوادي سوف أيام 8 ـ 10 نوفمبر 2009

مشروع موضوع الملتقى الوطني حول
دور زوايا الطريقة الرحمانية في الحفاظ على المرجعية الدينية
وعلى الشخصية الوطنية.
تمهيـد:
كانت الزوايا بمثابة السياج المنيع، والملجأ الأخير للشعب في مواجهة المحتل، كان بمثابة الصخرة التي تحطمت أمامها كل المحاولات الرامية إلى سلخ هذه الأمة عن تراثها وتاريخها ومجدها وحضارتها، حافظت على ما يمكن أن يحافظ عليه ولم تكن أبدا عامل تقهقر وانحسار كما يدعي البعض، من أبرز خصائصها: المقاومة والتصدي والمواجهة.
وهذا ابتداء من سقوط دولة بني الأحمر بالأندلس ونزوح عرب الأندلس إلى شمال إفريقيا ودول المغرب العربي، وأما ما كان من مهام بعض الزوايا فهو التحدي والتصدي للحملات الصليبية الإسبانية والبرتغالية التي عاشتها أقطار المغرب العربي في القرن التاسع الميلادي، ومن ثم كان للزوايا دور في التربية الروحية والبعد عن الغفلة والشرود والتحلي باليقظة والالتزام، وتتوقف هذه التربية الروحية على السلوك في تكامل الإنسان، وأن تنعكس وجهة أفكاره على نفسه وليس تشتيتها، وهذا بالسيطرة على كافة قواه العقلية والروحية التي يقترب بها المخلوق من الخالق دون أي وساطة كانت، مبتعدا عن المادة والإحساس كل البعد.
يقول أحد الباحثين المعاصرين متحدثا عن الدور الهام الذي أدته الزوايا في المجتمعات التي وجدت بها: "ونولي وجهتنا نحو بؤرة المجتمع وتفاعلاته اليومية نلتقي بالفعل بالدور الكبير الذي لعبته التنظيمات الصوفية ـ الزوايا ـ كوثبة من ((الوثبات الحيوية)) التي تعبر عن حركات المجتمع وتطوره ((الذاتي))".



الإشكالية:
شكلت الزوايا حجر أساس ومنبر إشعاع في بناء المجتمع الجزائري وهذا لعراقتها ومحافظتها على الأصالة والتراث، والدور التربوي والروحي الذي قامت بتأديته قرابة إحدى عشر قرنا من الوجود عبر مراحل عسيرة مرت بها بلادنا.
وبفضل نشاط الزوايا عرفت البلاد الجزائرية عبر أجيال متعاقبة حياة فكرية تتميز بالمحافظة وواقعاً ثقافياً يقوم بالمحافظة على تراث الحضارة الإسلامية والعمل لتأصيله عن طريق أساليب التعليم والتربية المتوارثة، ولعل هذا ما سمح بتحقيق توازن في ذهنية الفرد الجزائري وتوجه الجماعة وأوجد قناعة لدى الجميع تُسلّم بالاعتقاد بصلاح رجل العلم وكرامة مرابط الزاوية، وتربط في التعليم بين تلقي المعلومات النظرية والالتزام بالآداب والسلوك الإسلامي مع الاعتماد على الحفظ في تلقين مضمون مصنفات متعارفة ومؤلفات متداولة في علوم التفسير والحديث والفقه ....وغيرها، ولقد كانت الزوايا الكبرى والجوامع الرئيسة بالجزائر العثمانية ـ مثلا ـ مؤسسات تعليمية عليا لا يقل مستوى التعليم بها من حيث نوعية المعلومات عن مراكز التعليم الرئيسة بالعالم الإسلامي مثل القرويين بفاس والزيتونة بتونس والأزهر بالقاهرة.
وأصبحت العامة تعتمد اعتمادا كليا على الزوايا لمواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تحل بها من حين لآخر: فكانت الزاوية مركزا لوحدة القبيلة، فك الخصومات، الشفاعات، كفالة اليتامى والأرامل، المساعدة في الشدة، الحفاظ على عادات المجتمع...
إننا نحتاج في أيامنا الراهنة إلى إماطة اللثام عن ماضينا وتاريخنا الثقافي والعلمي، دون نظرة استخفاف ولا عدوانية ـ كما نلاحظ ذلك عند كثير من باحثينا للأسف الشديد ـ.
إن الحركات والتيارات الوافدة علينا من الشرق والغرب، هي التي أفسدت علينا الرؤية، وحرمتنا من كثير من النظر السليم لماضينا المشرق المشرف الزاهر. إن تهافتنا وانبهارنا بما قدم من وراء البحار والحدود هو الذي أدى بنا إلى كل هذه النتائج والعواقب الوخيمة، التي لا زلنا إلى يوم الناس هذا ندفع فاتورتها التي تعد من أغلى الفواتير التي تدفعها الشعوب نتيجة جهل ونقص وانعدام المرشد والدليل.
هذا ولا تختلف زوايا منطقة الجنوب الشرقي عن بقية زوايا القطر، من حيث التركيبة، أو الأدوار، والمساهمة، فنريد من خلال ملتقانا هذا أن نعرف دور الزوايا الرحمانية في الحفاظ على المرجعية الدينية، مساهماتها في مختلف مجالات الحياة: العلمية، الاجتماعية، السياسية، الجهادية... وأن يكون ذلك بشكل علمي أكاديمي، يحفظ هذا التراث من الضياع والاندثار...
فمن أكبر الواجبات وأهم الأمانات المنوطة بأعناق الباحثين والأساتذة والطلبة والدارسين، هي نفض الغبار عن التاريخ المجيد الأصيل والتعريف به، فلا يعقل أن لا نعرف إلى يوم الناس هذا مدى الدور الذي قامت به زاوية.........مثلا وقد كانت منارة علم ودين، ومركز تجمع للمجاهدين، ودائرة نور وهدى للمسترشدين والعارفين.
نريد أن نعرف من خلال هذا المؤتمر ماذا كان دور هذه الزوايا العلمية، ماذا قدمت للمجتمع من خدمات؟ دورها في تحفيظ القرآن وتدريس العلوم الشرعية، الإرشاد والتوجيه، ونشر المحبة والإخاء بين الناس، وفك الخصومات بينهم. ومدى مساهمتها في الحفاظ على الشخصية الوطنية والوحدة والاستقلال، والرموز والثوابت الوطنية. ما المجهودات التي قامت بها في سبيل البلوغ بهذه الأمة إلى بر الأمان. نسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه.
محاور الملتقى:
المحور الأول: الجانب التاريخي
1. المصطلح التاريخ والنشأة:
2. نظرة عامة عن الطريقة الرحمانية:
3. جهود الزوايا الجزائرية في الحفاظ على المرجعية.
المحور الثاني: دور الزوايا الرحمانية في الحفاظ على المرجعية الدينية
1. دورها في الحفاظ على العقيدة الأشعرية
2. دورها في الحفاظ على المذهب المالكي.
3. دورها في الحفاظ على تصوف الجنيد
المحور الثالث: دور الزوايا في الحفاظ على الشخصية الوطنية
1. اللغة:
2. العادات:
3. القيم:
4. الجهاد:
المحور الرابع: الزوايا الرحمانية الواقع والآفاق.
1. واقع الزوايا الرحمانية الراهن:
2. آفاق الزوايا وأولوياتها:
الأهداف:
ـ إعادة الاعتبار لتاريخنا المحلي والثقافي وإبرازه بشكل علمي أكاديمي خالي من كل نزعات الهوى والتعصب والاستعلاء، والعمل الجاد والإخلاص في سبيل التعريف بهذا التاريخ والتراث، وعدم ترك المجال مفتوحا لكل مستغل ودخيل.
ـ تصحيح بعض المواقف وإعادة النظر في الكثير من أحكامنا المسبقة، بما تصل إليه نتائج الأبحاث والدراسات العلمية المعاصرة.
ـ إعادة الاعتبار لهذه المؤسسات الروحية الدينية التي همشت بشكل رهيب في الفترات الأخيرة.
ـ العمل على استغلال إيجابيات الزوايا وتطويرها، والابتعاد عن السلبيات.
ـ الربط بين قيم الماضي وتطلعات المستقبل، والتواصل الحضاري بعيدا عن كل التأثيرات الغربية، والشرقية.
ـ البحث عن آليات لاستخدام هذا الفكر التربوي والعلمي وتوظيفه في حياتنا المعاصرة: الدينية، الاجتماعية، الأخلاقية... قيم التسامح المحبة التعاون الخير الشفقة الوحدة....تصفيته وتطهيره مما علق به من بدع وخرافات ودجل، إبراز الجانب المشرق المضيء وإصلاح الجانب السلبي منه.
ـ توحيد الجهود ورص الصفوف والتكامل بين الباحثين في الميدان.
لمحة عن الطريقة الرحمانية:
الطريقة الرحمانية هي طريقة دينية صوفية، نشأت في الجزائر في أواخر القرن الثاني عشر الهجري = الثامن عشر الميلادي، على يد مؤسسها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري (ومنه أخذت اسمها)، ففي سنة 1183هـ أسس الشيخ زاويته بقرية آيت إسماعيل ومنها انطلقت الطريقة الرحمانية التي كانت تسمى في البداية الطريقة الخلوتية.
وهي تمثل أحد المعالم الرئيسية البارزة وظاهرة دينية روحية اجتماعية وسياسية هامة في تاريخ الجزائر المعاصرة، فمن أي زاوية تناولها وجدنا الكثير من الفوائد والفرائد التي تساعدنا على فهم الكثير من الحقائق في الناحية الدينية، الناحية السياسية، الناحية الاجتماعية.
وهذه الطريقة التي كما صرح الشيخ مصطفى القاسمي شيخ زاوية الهامل:"تدعو إلى احترام مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وتدعو مريديها إلى العمل على نشر الخير والفضيلة، وتدريس العلوم الشرعية، وتربية الأبناء على الأخلاق الحميدة، وتقاليد الآباء والأجداد، وغرس الإيمان في قلوب الناس، وتعليم الناس أمور دينهم، وواجباتهم تجاه الله والرسول والناس أجمعين".
وهي طريقة تدعو إلى الصفاء والعودة إلى المنابع الأولى للإسلام ـ كما نجد ذلك في مصادرها ومراجعها الأساسية ـ، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق تطهير النفس وتخليصها من الشوائب والرعونات التي تمنعها من الوصول إلى جناب الحق، ويجب عليها قطع سبع مراحل أو أنفس بواسطة سبعة أسماء، شرح هذه الطريقة وفصلها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري في رسائله الكثيرة والمتعددة التي كان يرسلها إلى أتباعه ومريديه، والذين كان يطلب منهم ألا يبقوها بأيديهم بل يبعثوا بها إلى غيرهم لكي يستفيدوا منها، ثم تعود إليه في آخر المطاف، وهي طريقة عرفت نجاحا كبيرا، وطبقها أتباعه بالحرف، مما أدى إلى سرعة انتشار الطريقة الرحمانية في القطر الجزائري، وقد عرفت هذا الانتشار الواسع في حياة مؤسسها نفسه.
والشكل العام في التنظيم في الطريقة الرحمانية متشابه مع بقية الطرق الأخرى، فهناك الشيخ أو المعلم الذي يكن له المريدون كل الطاعة، وهناك المقدم وهو الذي ينوب عن الشيخ في بعض المهام والوظائف، وهناك المريد وهو محور العلمية التربوية في الطريقة.
وتهدف الطريقة الرحمانية ـ على ما يذكره أتباعها ـ إلى الجمع بين المنهجين المعروفين في الفكر الإسلامي:
1. منهج العلماء الذين يرون ضرورة التمسك بأحكام الشريعة الإسلامية.
2. منهج الصوفية الذين يرون ضرورة التمسك بالتجربة الدينية.
وتعتبر أوسع الطرق انتشارا في الجزائر في ق19م، فإذا رجعنا إلى الإحصائيات فإننا نجد أن عدد أتباعها قد بلغ سنة 1851م حوالي 225299 مريد من بين 718691 إخوان ينتمون إلى الطريق الصوفي، وهذا في مقاطعة الجزائر فقط، وهو ما يعادل نسبة 32 بالمائة. وفي إحصاء كوبولاني وديبون الذي قاما به في سنة 1897 نجد أن عدد الزوايا بالجزائر بلغ 349 زاوية، منها 177 زاوية خاصة تابعة للطريقة الرحمانية وحدها أي ما يفوق نسبة 50 بالمائة.
مؤسس الطريقة الرحمانية:
أما مؤسس الطريقة الرحمانية فهو الشيخ المؤسس سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري: فهو محمد بن عبد الرحمن...بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد حوالي سنة 1133هـ= 1715م، بقرية بوعلاوة، التي تقع ببلاد جرجرة، وإلى هذه الأرض ينسب، كما لقب بالأزهري نسبة إلى الأزهر الشريف الذي جاوره مدة طويلة.
نشأ ببلاد زواوة، تتلمذ في بداية أمره على يد الشيخ الصديق بن آعراب، ثم ذهب إلى الحج في حوالي التاسعة عشر من عمره أي حوالي سنة 1152هـ= 1734م، وفي طريق عودته أعجب بالأوضاع العلمية بمصر فاستقر هناك مجاورا للأزهر الشريف، وتلقى العلوم على أيدي علماء أجلاء منهم: أحمد بن محمد بن أبي حامد العدوي المعروف بـ" الدردير" (ت1201 هـ)، علي بن أحمد الصعيدي (ت 1189هـ)، الشيخ علي العمروسي المتوفي سنة 1173هـ، وعلى يد "المنور التلمساني"(ت 1173هـ).
وبعد تحصيل العلوم الفقهية من هؤلاء الأعلام، اتجه إلى الشيخ محمد بن سالم الحفناوي الخلوتي، وسلك على يديه، الذي كلفه بنشر الطريقة والدعوة في بلاد السودان والهند، فأقام ست سنوات في دار فور يقرئ السلطان ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى صار له أتباع كثيرون، وحصل له الإقتداء في هذه المنطقة، ثم أمره شيخه بالعودة إلى القاهرة وألبسه الخرقة وكلفه بالتوجه إلى الجزائر لنشر الطريقة هناك، وكان ذلك سنة 1177هـ= 1758م.
استقر الشيخ بن عبد الرحمن فترة بمسقط رأسه، ثم انتقل إلى قرية "الحامـة" قرب مدينة الجزائر، واستقر هناك وتصدى للتعليم ولنشر الطريقة الخلوتية، والتف حوله عدد كبير من الطلاب، فعلا صيته وذاعت شهرته، وبنى زاويته التي اتخذها مركزا لنشر الطريقة وملتقى للإخوان والمريدين.
ولم تمض فترة طويلة على استقراره بـ"الحامـة" حتى بدأت المشاكل والمتاعب تترى من طرف علماء الظاهر، فبدأوا بشن الحملات عليه وإثارة الـداي محمد عثمان عليه، مما جعله ينصب له مجلسا للحكم في أمره وللنظر في الاتهامات الموجهة إليه، وظهرت حججه على آرائهم الباطلة وبرئ من تهمة الزندقة التي وجهت إليه. وبالرغم من موقف الداي إلا أن الشيخ رأى وجوب مغادرة الجزائر والعودة إلى مسقط رأسه آيت إسماعيل بجرجرة وأسس هناك زاوية جديدة وتفرغ للتعليم والطريقة. توفي سنة 1208هـ = 1793م. ودفن بزاويته.
ترك الشيخ بن عبد الرحمن الأزهري مجموعة كبيرة من التلامذة كانوا بدورهم من شيوخ الطريقة ونشروها في مختلف البقاع، ومـن أشهـر تلامـذته: علي بن عيسى المغربي، عبد الرحمن باش تارزي، محمد بن عزوز البرجي، محمد العمـَّالي والد حميدة العمالي...
ومن أشهر مؤلفاته: رسالة فتح الباب، رسالة طي الأنفاس، دفتر الدفاتر، شرح على الريفاوي وهو شرح لقصيدة ( قوته قولي) لصاحبها عبد الله الريفاوي، شرح لامية الزقاق وهي في الأقضية، قال عنه أنه ألفه بإذن شيخه الحفناوي، زلزلة النفوس وكان لا يفارقه لعزته عليه، وغيرها من المؤلفات والرسائل.
توفي الشيخ بن عبد الرحمن وكان قد أوصى بالخلافة بعده إلى تلميذه الشيخ علي بن عيسى المغربي، وترك له جميع كتبه وأوقافه وأشهد على ذلك أهل آيت إسماعيل، وظل الشيخ علي بن عيسى يدير شؤون الزاوية إلى وفاته 1251هـ= 1836م. تولى بعده سي بلقاسم بن محمد الحفيد من المعاتقة- وفي عهده بدأ ظهور النزعة الاستقلالية لدى بعض الزوايا الرحمانية والانفصال عن الزاوية الأم بآيت إسماعيل، ولم يدم عهده إلا سنة.تولى بعده سي الحاج البشير وهو أيضا من المغرب (1836- 1841). تولى بعده محمد بن بلقاسم نايت عنان لمدة سنة واحدة أيضا (43-1844) ولم يكن يتمتع بسمعة طيبة ولا قدرة على القيادة وفي عهده تم الانفصال بين الزاوية الأم وزوايا الجنوب الرحمانية.تولى بعده الحاج عمار سنة 1844، وأدى دورا هاما في مقاومة زواوة 1857، وقد هدمت الزاوية في عهده على يد الجنرال "ديفو" واضطر الحاج عمار إلى الهجرة إلى الحجاز. وكانت الرحمانية في هذه الفترة هي زعيمة الطرق في زواوة.
وبعد الحاج عمار تولى الشيخ محمد الجعدي والذي لم تطل مدة ولايته، إذ انتخب الأعيان والسادة والشيوخ الشيخ محمد أمزيان الحداد شيخا للطريقة مع الاستقرار بصدوق، وفي عهده اشتهرت زاوية صدوق بالعلم، وعادت للطريقة حركيتها ومكانتها السابقة، ورغم سمعته الطيبة ومكانته السامية لم يستطع الشيخ الحداد توحيد فروع الطريقة الرحمانية، حتى في زواوة نفسها، فكانت قسنطينة، الخنقة، طولقة، الهامل، أولاد جلال، نفطة. وفي عهده أيضا قامت ثورة 1871 ـ التي كان من نتائجها سجن الشيخ الحداد وإغلاق الزاوية وتهديدها. وأوصى الشيخ الحداد قبل وفاته بالخلافة للشيخ الحاج الحملاوي شيخ الزاوية الحملاوية بتلاغمة بنواحي قسنطينة.







زاوية سيدي سالم بسوف
تسمى هذه الزاوية زاوية سيدي سالم، نسبة إلى مؤسسها الولي الصالح سيدي سالم بن محمد (ت 1227هـ= 1861م)، الذي يصعد نسبه إلى الولي الصالح سيدي المحجوب دفين القيروان، وسليل عبد السلام بن مشيش.
أخذ في بداية أمره على الشيخ محمد بن عزوز، وبعد وفاته واصل سلوكه على يد الشيخ علي بن عمر، أمره شيخه علي بن عمر بتأسيس زاوية بوادي سوف ولم تكن بها من قبل زاوية رحمانية. وذلك في حدود سنة 1820.
ولما توفي شيخه علي بن عمر، تصدر للمشيخة، ودعوة الخلق إلى الله، فكان نسخة من شيخه في التواضع والكرم وخدمة المسلمين عامة وطلبة العلم خاصة.
تخرج من زاوية سيدي سالم المئات من الطلبة وحفظة القرآن الكريم. من أشهرهم: الشيخ الطاهر العبيدي وأخوه الشيخ أحمد.
أقامت زاوية سيدي سالم علاقات جيدة مع بقية فروع الطريقة الرحمانية، فكانت بين الشيخ سيدي سالم والشيخ عبد الحفيظ الخنقي مكاتبات ومراسلات، كما كانت له زيارات إلى ابن شيخه في زاوية نفطة الشيخ مصطفى بنعزوز.
بعد وفاته سنة 1277هـ=1861م، خلفه على رأس الزاوية ابنه الشيخ مصباح بن سيدي سالم (1255 ـ 1237هـ)، وتولى بعده أخوه الشيخ محمد الصالح إلى وفاته سنة 1335هـ، وتولى بعده ابن أخيه محمد العربي بن مصباح، واصل مسيرة أسلافه مدة 28 سنة، إذ توفي سنة 1363هـ، وانتشرت الطريقة السالمية الرحمانية بكثرة في وادي سوف ونواحيها، وامتدت إلى الجنوب الجزائري والجنوب التونسي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته تعالى.
الأستاذ عبد المنعم القاسمي الحسني.

برنامـج الملتـقى
اليوم الأول: الثلاثاء
الفترة الصباحية:
8.00 صباحا التجمع بالزاوية وزيارة المكتبة
8.30 الانطلاق نحو المركز الجامعي.
9.00 الجلسة الافتتاحية:
· النشيد الوطني:
· آيات بينات من الذكر الحكيم.
· كلمة شيخ الزاوية.
· كلمة الشيخ عبد القادر عثماني.
· كلمة ممثل السيدة وزيرة الثقافة:
· كلمات مشائخ الطرق الصوفية: الشاذلية، الخلوتية، التيجانية، الهبرية، العلوية.
· كلمة ترحيب للسيد رئيس المجلس الشعبي الولائي:
· كلمة السيد الوالي والإعلان عن الافتتاح الرسمي لأشغال الملتقى.
10.30 رفع الجلسة حفل استقبال على شرف ضيوف الملتقى. مدة 15 د.
10. 45 د الجلسة العلمية الأولى:
رئيس الجلسة:
12.00 مناقشة.
12.30 نهاية أشغال الفترة الصباحية
الفترة المسائية:
16.00 الجلسة العلمية الثانية:
رئيس الجلسة:
17.00 مناقشة.
17.30 الجلسة العلمية الثالثة:
رئيس الجلسة:
19.00 نهاية أشغال اليوم الأول.
22.00 سهرة دينية بمقر الزاوية.
اليوم الثاني: الأربعاء
الفترة الصباحية:
8.30 الجلسة العلمية الرابعة:
رئيس الجلسة:
9.45 مناقشة.
10.15 استراحة
10.30 الجلسة العلمية الخامسة:
رئيس الجلسة:
11.30 مناقشة.
12.00 نهاية أشغال الفترة الصباحية.

الفترة المسائية:
16.00 الجلسة العلمية السادسة:
رئيس الجلسة
17.00 مناقشة.
17.30 قراءة التوصيات. حفل الاختتام. النشيد الوطني. آيات بينات من الذكر الحكيم. نهاية أشغال الملتقى الوطني الثالث.
22.00 سهرة دينية بمقر الزاوية.
أنظر عنها: البحر الطافح في بعض فضائل شيخ الطريق سيدي محمد الصالح، لإبراهيم بن عوامر السوفي، مطبعة بيكار، تونس، 1323 هـ = 1905م، تعريف الخلف 2 /399، تاريخ الجزائر الثقافي 4/ 153، جريان المدد 24.